تاء التانيث الساكنة أصبحت سكينا ثائرة في فلسطين
- يبدو أن الفلسطينيين ربحوا المعركة ضد الإسرائيليين افتراضيا بعدما نجحوا في إدارة مواقع التواصل الاجتماعية عبر دورهم الحاسم في فضح ممارسات الجيش الإسرائيلي الدموية والهمجية، وتكريس رموز كثيرة.
القدس – “يبدو أنها ليست بوادر انتفاضة، بل هي الانتفاضة بعينها!”، هكذا علق مغردون على الشبكات الاجتماعية على استمرار موجة الطعن التي ينفذها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين ضمن ما يطلق عليه “ثورة السكاكين”.
وبموازاة
“حرب واقعية” تدور رحاها على الأرض، فإن حربا افتراضية لا تقل ضراوة
اندلعت على مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا واضحا مع بداية موجة
المواجهات، إذ دأب نشطاء فلسطينيون على نقل مستجدات الأحداث لحظة بلحظة.
وكان التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد تصاعد الشهر الماضي، وزادت
من حدته الاشتباكات التي وقعت بين الجانبين بسبب غضب الفلسطينيين من تزايد
زيارات اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى.
وانتشرت صفحات إخبارية وسياسية على موقع فيسبوك تنقل صور المواجهات مباشرة وتقدم نصائح للمتظاهرين، ما أثار قلق الحكومة الإسرائيلية.
وكان
هاشتاغ #إعدام_طفل_فلسطيني، من بين أكثر الهاشتاغات انتشارا في العالم
العربي والعالم في أعقاب انتشار مقطع مصور لطفل فلسطيني تعرض لإطلاق النار
وهو ملقى يستغيث ويطلب العلاج، في حين يتلقى الشتائم من المستوطنين
الإسرائيليين.
وفند الإسرائيليون الانتقادات، قائلين إن الطفل حاول طعن أحد المستوطنين، ما أدى إلى إطلاق النار عليه.
وانتشرت
مئات التغريدات المنددة بما حدث، إذ شبهته بمشهد الشهيد محمد الدرة في
استعادة لأبرز أيقونات الانتفاضة الثانية عام 2000، الذي أثار الرأي العام
العالمي وقتها.
كما انتشر على نطاق واسع فيديو للمراهقة
مرح بكري التي تبلغ من العمر 15 ربيعا بعدما حوصرت من قبل الجنود وأطلقوا
عليها النار وبقيت مطروحة أرضا مضرّجة بدمائها.
بنيامين نتانياهو يؤكد أن معركة إسرائيل الأساسية يجب أن تتركز ضد مواقع التواصل الاجتماعي
وقد
حذر الرئيس الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو خلال مؤتمر صحفي من مواقع
التواصل الاجتماعي، خلال المواجهات الأخيرة، قائلا “معركتنا الأساسية يجب
أن تتركز ضد مواقع التواصل الاجتماعي التحريضية”.
وعززت
إسرائيل وسائلها لمراقبة الناشطين الفلسطينيين على المواقع الاجتماعية،
وأعلن رئيسها تشكيل طاقم من الإسرائيليين ممن يتقنون اللغة العربية،
لمراقبة الفلسطينيين.
وأعلنت الخارجية الإسرائيلية أنها
تمكنت من إقناع موقع يوتيوب للتسجيلات المصورة بإزالة تسجيلات فيديو “تحرض
على القتل”. ومن بين التسجيلات التي تم حذفها فيديو الطفل الفلسطيني الذي
تعرض لإطلاق النار.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية
الإسرائيلية، إيمانويل نحشون، لوكالة فرانس برسذ “تم سحب عدة أشرطة فيديو،
بعد أن قدمنا طلبا ليوتيوب”. وأوضح أن يوتيوب “لم ترد علينا بشكل مباشر،
لكننا رأينا إزالة الأشرطة المعنية بسرعة”.
ولم يكن
بإمكان نحشون تحديد عدد تسجيلات الفيديو التي تمت إزالتها على موقع يوتيوب.
ويلتقي مسؤولون من وزارة الخارجية الإسرائيلية مع ممثلين عن موقع فيسبوك،
يزورون إسرائيل، ليطلبوا منهم أن يحذوا حذو يوتيوب. وحسب نحشون، فإن وزارة
الخارجية قامت بإنشاء “قسم الدبلوماسية الإلكترونية”، وهو مخصص لمراقبة
الشبكات الاجتماعية.
عربيا، أطلقت عشرات الهاشتاغات على
غرار #فلسطين_تنتفض، #فلسطين_والغياب_العربي، #انتفاضة_الغضب، و#ثورة_
السكاكين. وبدا التفاعل “خجولا” في البداية بسبب الأحداث التي تعصف
بالمنطقة العربية و”أنهار الدماء التي فاقت ما يوجد في فلسطين”، وفق تعبير
أحدهم.
مغرد: في أرض المعركة لا فرق بيني وبينك، فَالحجر نصفه لك ونصفه لي، والأرض أرضنا، والعدو واحد
وكتب معلق “في فلسطين تاء التأنيث لم تعد ساكنة بل أصبحت ثائرة .. الانتفاضة انطلقت ثورة السكاكين مستمرة”.
وأشاد
رواد تويتر ببسالة المتظاهرين الفلسطينيين ومقاومتهم، وقوة المرأة
الفلسطينية وشجاعتها، وغزت صور الفتيات الفلسطينيات المشاركات في الانتفاضة
المواقع الاجتماعية. وعلق مغرد “في أرض المعركة لا فرق بيني وبينك،
فَالحجر نصفه لك ونصفه لي، والأرض أرضنا، والعدو واحد”.
وعلى
نطاق واسع انتشر فيديو لأحد الشبان الفلسطينيين، الذي قام بطعن 3 مجندين
إسرائيليين، وواجه عدسات المصورين بابتسامة كبيرة، عندما تم إلقاء القبض
عليه من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.
لم يكن وحده المبتسم،
فقد انتشرت صور كثيرة لفتيات وشبان فلسطينيين من المقبوض عليهم “يواجهون
مصيرهم” بابتسامة عريضة. وكتب معلق “ثورة السكاكين في فلسطين أصابت الكيان
الصهيوني بالرعب، لأن الذين يقومون بذلك لا ينتمون إلى توجهات معينة،
ويتحركون من منطلق فردي”!
كما وجه مغردون عبر هاشتاغ #فلسطين_والغياب_العربي، انتقادات لما وصفوه بـ”الصمت العربي” تجاه ما يحدث.
كما
تداول ناشطون تدوينة على فيسبوك للشهيد بهاء عليان أحد منفذي عملية الطعن
في الحافلة الإسرائيلية في القدس التي تعود إلى العام الماضي، وتتضمن عشر
وصايا للشهداء بعد استشهادهم. ومن ضمن الوصايا أن “لا تتبنى إحدى الفصائل
موته لأنه كان للوطن وليس لهم”، وألا يزرعوا الحقد في قلب ابنه بل “اتركوه
يكتشف وطنه ويموت من أجله وليس من أجل الانتقام لموتي”، وأن “لا يجعلوا من
الشهيد الفلسطيني مجرد رقم ينسى، وأن يتركوا الحزن جانبا”، كما أوصى بتخطي
الانقسام الفلسطيني الداخلي.
الوصايا بحث داخلها الشاعر
الفلسطيني زكريا محمد لعله يصل إلى فهم شيء مما يجري، مؤكدا على حسابه على
فيسبوك أن عليان “سيتحول سريعا إلى أيقونة خاصة جدا في تاريخ الوعي
الفلسطيني والعربي. وسيبحث الناس، في معناها، لكن من أجل أن يفهموا “ما
وراء استشهاده” جيدا.
مواضيع ومقالات مشابهة