ماذا بعد مخالفات وتجاوزات «التربية» القانونية؟ (1)..بقلم:سلمان سالم
لقد قرأ المجتمع البحريني ما رصده ديوان الرقابة المالية والإدارية على وزارة التربية والتعليم من المخالفات القانونية الكبيرة، في إجراءاتها وقراراتها وممارساتها التربوية والتعليمية، وثبتها بوضوح في تقريره السنوي، التي لا تقبل التأويل أو التبرير أو النكران، لاشك ولا ريب أن القانون المحلي في مثل هذه الحالات يلزم بكل وضوح، مساءلتها ومحاسبتها قانونياً، لما تسببه تلك المخالفات والتجاوزات القانونية من ضرر كبير على مصالح البلاد والعباد، حيث يتم من خلالها تقديم من هو الأقل كفاءة على من هو الأكثر تأهيلاً وخبرة وكفاءة في التعيينات والتوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت، هذا السلوك المخالف للقانون المحلي والمخالف أيضاً للقوانين الدولية ومنظمة اليونسكو على وجه الخصوص، يسبب هدراً للمال العام وضياع وبعثرة الطاقات التربوية والتعليمية المبدعة، وقد نبهنا كثيراً من خطورة هذه المخالفات والتجاوزات القانونية على التعليم في البلاد، ولهذا طالبنا الجهات المعنية بمصلحة التعليم بمعالجتها جذرياً قبل تفاقمها وتوسعها، فلو رجع القارىء الكريم إلى كل الملاحظات التي أوردناها في مقالات عديدة طوال الأربع سنوات الماضية عن أداء وزارة التربية والتعليم الذي يشوبه الكثير من التجاوزات القانونية الواضحة، سيجدها مرصودة بتوسع أكبر في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في نسخته 2014/ 2015 وبسبب كثرة المخالفات التي رصدها ديوان الرقابة ومحدودية المساحة في الصحيفة، سأجعل عرضها والتعليق عليها في جزءين، في الجزء الأول نتطرق إلى ست مخالفات بصورة مختصرة، التي أشرنا إليها مراراً وتكراراً في مقالاتنا الصحافية وأكدها ديوان الرقابة في تقريره السنوي الأخير بكل وضوح، ومنها:
أولاً: إصدار وزارة التربية والتعليم قرارات لترقية بعض الموظفين، دون التحقق من استيفائهم الاشتراطات المطلوبة، وقبل الحصول على موافقة ديوان الخدمة المدنية عليها، وقد أشار الديوان إلى أن الوزارة منحت ترقيات لبعض الموظفين من دون إجراء تقييم لأدائهم الوظيفي، كما تم الحصول على ترقية بعض الموظفين دون الحصول على التقرير المطلوب للترقي للوظيفة المستهدفة، بما يخالف قانون الخدمة المدنية، كما يخالف تعليماته بشأن نظام الترقيات والتي تقضي بألا يقل مستوى أداء الموظف وفق آخر تقييم له عن تقدير جيد .
ثانياً: منح الوزارة عدداً من الموظفين الأجانب المعينين على جدول رواتب الوظائف التعليمية، أكثر من درجة وظيفة عند الترقية، إذ وصلت في بعض الحالات إلى 4 درجات، بما يخالف تعليمات الخدمة المدنية، والقيام عند ترقية الموظفين الأجانب بإنهاء العمل بعقودهم السارية وإبرام عقود توظيف جديدة وذلك لأكثر من مرة في بعض الحالات، كما لم يتم الالتزام في تلك الترقيات بالتعميم الموجه من ديوان الخدمة المدنية، بشأن وجوب اعتماد الزيادة المطلوبة للموظف الأجنبي بعقد خارجي شامل بنسبة لا تتجاوز 3 في المئة فقط تحتسب على الراتب الأساسي، إذ قامت الوزارة بترقية بعض المتعاقدين الأجانب وتعديل الرواتب بنسب تفوق 3 في المئة سنوياً.
ثالثاً :أن الوزارة لم تقم حتى انتهاء أعمال الرقابة في ديسمبر/ كانون الأول 2014 بصرف علاوة تعليم أو تأهيل أو رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة لجميع مستحقي هذه العلاوة، البالغ عددهم 225 موظفاً، ناهيك عن عدم التزام الوزارة بالنموذج الاسترشادي المستخدم لتحديد المسافات بين المناطق الجغرافية بالبلاد عند احتساب المسافات المقطوعة من قبل بعض الموظفين الذين يستخدمون سيارتهم الخاصة لأداء مهامهم الوظيفية، إذ تم احتساب مسافات بالزيادة لهم، ما أدى إلى صرف علاوة السيارة كاملة بمبلغ 60 ديناراً، رغم أن المسافة الفعلية المقطوعة تستدعي صرف العلاوة المخفضة بمبلغ 30 ديناراً.
رابعاً: ندبت الوزارة 50 معلماً لممارسة وظائف إدارية مختلفة في الوزارة، أغلبها في الإدارات الخدمية، كإدارة الموارد البشرية وإدارة الخدمات وإدارة نظم المعلومات، وهو حسب تقييم الرقابة يتنافى مع ضوابط تعيين ونقل وترقية المعلمين، ولاسيما أن أوصافهم الوظيفية لا تنص على ممارسة مثل هذه الوظائف.
خامساً: لم تزود وزارة التربية والتعليم ديوان الخدمة المدنية بنسخة من الرؤى والأهداف والبرامج المتعلقة بها. وهو ما يخالف تعليمات الخدمة المدنية بهذا الشأن.
سادساً: عدم تضمن الخطة الاستراتيجية للوزارة مؤشرات أداء واقعية تضمن تحقيق أهدافها، وأنه على رغم أن النتائج الفعلية المسجلة أثناء فترة تنفيذ الخطة كانت متباينة تماماً مع الأهداف التي تم تحديدها، وقال الديوان في تقريره، إن الوزارة لم تحرص على تعديل تلك الأهداف بما يتناسب مع واقع ظروفها وقدراتها.
لقد ثبت لدى الرأي العام المحلي والخارجي بعد صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية أن وزارة التربية والتعليم قد ارتكبت مخالفات وتجاوزات قانونية كبيرة، وأن التعليم في البلاد يعاني الأمرين من مخالفاتها القانونية وأن مستقبلاً ذاهباً إلى المجهول، لاشك أن التعليم والرأي العام التربوي والمجتمع المحلي ينتظرون من الجهات المعنية بمصلحة التعليم خاصة ومصلحة البلاد عامة، محاسبة ومساءلة التربية قانونياً، على كل المخالفات القانونية قبل فوات الأوان، وإعادة حقوق التربويين الذين تضرروا من قراراتها وإجراءاتها وممارساتها المخالفة للقانون.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4810 - الأحد 08 نوفمبر 2015م الموافق 25 محرم 1437هـ
مواضيع ومقالات مشابهة