النظام الإيراني يشن حملة اعتقالات ضخمة للصحفيين قبل الانتخابات القادمة
كإجراء احترازي وخطة استباقية لتلافي تكرار ما حدث عام 2009، تقوم السلطات الإيرانية حالياً بشن حملة قمع للصحفيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين باعتقالهم وتلفيق التهم إليهم للزج بهم في السجون من أجل تقييدهم وتعذيبهم وإبعادهم عن مجريات الأحداث والوقائع التي تشهدها البلاد، وخاصة فيما يتعلق بانتخابات مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) ومجلس خبراء القيادة، والتي ستقام في فبراير القادم.
هذه الاعتقالات التي طالت الصحفيين والشعراء والكتاب، تزداد وتيرتها مع اقتراب هذه الانتخابات، وهو ما يفسر تخوف النظام الإيراني من اندلاع ثورة عارمة أكبر من الحركة الخضراء التي اندلعت عام 2009 بعد تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح المتشدد محمود أحمدي نجاد، والتي كادت أن تسقط النظام الإيراني لولا قمع الأجهزة الأمنية لها.
هذه الاعتقالات تتم عن طريق جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يرتبط مباشرة بالمرشد الإيراني علي خامنئي، والمحسوب على التيار المتشدد، وتشير نوعية هذه الاعتقالات إلى محاولة النظام إزالة أي نوع من العواقب قد تهدد تسلطه على مجرى العمليات الانتخابية القادمة، لضمان تحقيق الفوز للمتشددين بأية طريقة كانت، وإضعاف الإصلاحيين والمعتدلين وتهميشهم من السلطة عن طريق تحقيق الانتصار للتيار الأصولي، وخاصة أن الشعب الإيراني بات أكثر ميلاً للتيار المعتدل الذي يطالب بانفتاح على العالم الخارجي، وهو ما جعله على خلاف مع المرشد والحرس الثوري، وحملة القمع هذه تؤكد نظرية المراقبين من أن الضغوط على الإصلاحيين تتزايد من قبل المتشددين الذين يسيطرون على الأجهزة الأمنية والقضاء بهدف عرقلة مشاركتهم الفعالة في الانتخابات المقبلة، وإضعاف نفوذهم.
في الآونة الأخيرة اعتقل الحرس الثوري الإيراني مجموعة من الصحفيين المحليين والناشطين السياسيين، منهم الناشط السياسي عيسى سحرخيز التابع للتيار الإصلاحي والذي عمل مستشاراً لوزير الثقافة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، واحسان مزاندراني رئيس تحرير صحيفة "فرهیختگان"، وذلك على خلفية اتهامهم بإهانة رأس النظام الإيراني علي خامنئي وتحريض الرأي العام والجمهور على سياسات النظام في إيران.
هذا العدد الكبير من الاعتقالات في حق الصحفيين في إيران، والذي وصل حسب تقرير أحمد شهيد مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران، إلى 40 صحفياً، ووضع إيران من بين الدول الخمس الأكثر قمعاً للصحفيين في العالم، ينذر بموجة قمع كبيرة قد تطال كافة شرائح المجتمع الإيراني الرافض لسياسات النظام في بلاده، وينظر إلى المستقبل بنظرة تغيير، وستزداد حملة القمع هذه كلما اقترب موعد انتخابات البرلمان ومجلس خبراء.
موجة اعتراض الصحفيين والناشطين السياسيين للنظام الإيرانية وسياسات البلاد أخذت تتزايد في السنوات الأخيرة من عمر النظام الحالي، وسقف جرأة المعارضين أخذت تعلو يوماً بعد يوم، حتى وصلت إلى درجة إهانة أعلى سلطة في البلاد، وهو المرشد علي خامنئي، وذلك بسبب يأس المجتمع من تحقيق وعود قادة النظام والمسؤولين الحكوميين من جهة، واحتدام الصراع بين التيارات السياسية من جهة أخرى.
موجة الاعتراضات هذه لم تقف عند الصحفيين والنشطاء السياسيين، بل وصلت إلى الأدباء والشعراء والفنانين والمخرجين السينمائيين، الذين أخذوا يعبرون عن استيائهم من الوضع الحالي الذي وصلت إليه بلادهم بسبب السياسات الخاطئة التي يصر عليها النظام، إذ حكم على المخرج السينمائي "كيوان كريمي" بالسجن ستة أعوام والجلد 223 جلدة، وعلى الشاعرين فاطمة اختصاري ومهدي موسوي بالسجن 11.5 سنة و9 سنوات على الترتيب والجلد 99 جلدة لكل منهما، بتهمة إهانة المقدسات والدعاية المناهضة للدولة، وقد ترتب على ذلك قيام عدد من السجناء السياسيين والأمنيين في سجن "رجايي شهر" بإصدار بيان يحتجون فيه على الأحكام القاسية التي أصدرتها شعبة 28 في المحكمة الثورية في حق الشاعرين مهدي موسوي وفاطمة اختصاري، وطالبوا بالإفراج عنهم فوراً.
مركز المزماة للدراسات والبحوث
مواضيع ومقالات مشابهة