تقرير الرقابة... جادك الغيثُ إذا الغيثُ همى! بقلم: قاسم حسين
سننشغل في الصحافة خلال هذه الأيام بتقرير ديوان الرقابة المالية، ومع نهاية هذا الأسبوع ستعلقه الوزارات والهيئات الحكومية على الرفّ إلى جانب التحف القديمة وقطع الأنتيك، بعد أن تتحفنا بردودها الساحقة الماحقة.
الشعب البحريني العزيز اطلع يوم الخميس الماضي على احتفالية الصحف المحلية بصدور التقرير، فأصدرت ثلاث صحف ملاحق خاصة في 16 و14 صفحة (كما في «الوسط»)، بينما خصّصت الرابعة 8 صفحات داخلية مع خبر متوسط على الأولى بعنوان «اختبار جديد للبرلمان»، أما الخامسة فخصّصت 5 صفحات فقط، مع عنوان صغير على الأولى: «لاتزال التجاوزات مستمرة: شحنات أدوية تدخل البلاد من دون فحص وغير مطابقة». ويبدو أن الصحيفة لم تكن مكترثةً كثيراً بالتقرير، أو أنّها ملّت من المشاركة في هذه الاحتفالية السنوية وتكرار المكرّر كل عام!
لن أنقل اليوم شيئاً عن «الوسط»، وإنّما سألتقط عناوين سريعة مما اختاره الإخوة المحرّرون في الصحف الزميلة الأخرى، فهذه الأرقام تهمّ وتؤثّر على حياة الجميع، وخصوصاً مع دخولنا مرحلة رفع الدعم عن سلع وخدمات أساسية، يُطالب فيها المواطن اليوم بتحمل كلفتها وتبعاتها، دون أن يكون له رأي في رسم السياسات الاقتصادية في السنوات السابقة والقادمة.
لنبدأ بعناوين الملاحق: تزايد المخالفات الإدارية وتراجع في المالية، 6 جهات حكومية تتجاوز مخصصاتها المالية بمقدار 33 مليون دينار، و8 جهات صرفت أقل من 43 في المئة من مخصصات مشاريعها. استمرار مخالفات قانون المناقصات مع تراجع كبير في عددها ونوعها. والإعلام تخالف قانون المناقصات بمشتريات قيمتها 25 ألف دينار. ونسبة صرف كل الجهات الحكومية على المشاريع لم تتجاوز 54 في المئة.
الملحق الآخر بعنوان «فشل إداري يهدر الملايين»: والدين العام يعرض الدولة لمخاطر عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها مستقبلاً. طبيب مقيم يسجل 156 ساعة عمل إضافي والفعلي ساعة و19 دقيقة! وبرنامج تلفزيوني بـ 130 ألف دينار مقابل 100 ألف للرقابة على المسلسلات! والأخطر هو 11.2 مليار عجز صندوقي الخاص والمدني في التأمين في 2013.
من ناحية الاستثمار الذي كثيراً ما نسمع عنه في الكثير من المناسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والفنية، والاكتوارية وغير الاكتوارية أيضاً! فقد ركّز هذا الملحق على أن «الصناعة لم تضع دراسة جدوى لمرسى البحرين للاستثمار، وأن مستثمر مرسى البحرين أجّر 90 في المئة لمنشآت تمارس أنشطة غير صناعية! بل إن المشاريع القائمة بالمرسى لم تخلق فرص عمل في المجال الصناعي، والوزارة توقّعت 30 ألف وظيفة، بينما الواقع 4 آلاف وظيفة فقط! والله أعلم كم كان نصيب البحرينيين منها.
ومن العناوين إلى بعض التفاصيل الخفيفة المتفرقة، نمر عليها سريعاً، ففي حلبة البحرين دفع مبالغ لوكالات الإعلانات دون مطالبتها بتقديم الفواتير والمستندات للتحقق من صحتها وشرعيتها. ووزارة الداخلية تجاوزت المصروفات الفعلية لموازنة المصروفات المتكررة بحوالي 3 ملايين دينار فقط؛ وزيادة نفقات القوى البشرية والتوظيف والمهام الرسمية بالخارج ومشتريات السلع الرأس مالية ومصروفات إيجار السيارات. أما وزارة الأشغال والبلديات، فأنفقت 45 في المئة من موازنة مشاريع البلديات، (3 ملايين من أصل 6.8)، بينما تتلكأ في تنفيذ مشاريع مجارٍ في بعض المناطق والمجمعات السكنية لأكثر من عشر سنوات، بما يهدّدها بمشاكل صحية وبيئية وانتشار الحشرات والفئران نتيجة فيضان المياه الآسنة، مما نشاهده رأي العين وليس نقلاً عن آخرين، بحيث لا نتهم أو يتهم التقرير الرسمي الذي ننقل عنه بـ «التسييس» أو «مجافاة الحقيقة» و «التعريض»!
التقرير معروض على العموم، نعيد قراءة العناوين نفسها كل عام، وبنفس الصيغ والتعابير في أكثر الأحيان، وصدق شاعر الأندلس لسان الدين ابن الخطيب:
لم يكن وصلُكِ إلا حلماً... في الكرى أو خلسةَ المختلسِ!
اضغط لقراءة المزيد من مقالات: قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4810 - الأحد 08 نوفمبر 2015م الموافق 25 محرم 1437هـ
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4810 - الأحد 08 نوفمبر 2015م الموافق 25 محرم 1437هـ
مواضيع ومقالات مشابهة