تأسست صقور العرب في 2007 البحرين ظافر الزياني / تويتر @Zayani1 وتصدر من بوخارست
.

Google Ads

العراق

الوطن العربي والاسلامي

ايران

خطر الشركات وليس الخطر السيادي هو مبعث القلق لمنطقة اليورو

 المصدر

ملتقى نادي خبراء المال

 
ماركو أنونزياتا - فاينانشل تايمز

استقطب المركز المالي المتقلقل لحكومات منطقة اليورو مخاوف السوق في الآونة الأخيرة، بينما حالة البنوك التي ما زالت تتسم بالهشاشة معروفة جيداً. لكن الأمر الذي حظي باهتمام أقل بكثير حتى الآن هو المركز المالي للأسر والشركات غير المالية.
ومع ذلك، هذا ربما يكون مفتاح آفاق التعافي لهذه المنطقة. ومع أن الصادرات أطلقت اقتصاد منطقة اليورو، إلا أن النمو المستدام يعتمد على الاستهلاك والاستثمار الفردي اللذين أصبحا مع الوقت أكثر حساسية للأحوال المالية. وفي البحث الأخير الذي أجريناه، قمنا بإلقاء نظرة أوثق على هذه المسألة، وكانت النتائج واقعية. فقد زادت الأسر والشركات في منطقة اليورو مديونيتها أثناء طفرة الائتمان. وارتفع الدين الأسري من 49 في المائة في نهاية عام 1999 إلى 63 في المائة في منتصف عام 2009. وبالنسبة للشركات غير المالية، ارتفعت هذه النسبة من أقل من 70 في المائة إلى قرابة 100 في المائة. وازداد عبء خدمة الدين بسرعة لأن أسعار الفائدة ارتفعت بشكل ملحوظ كنسبة من الأرباح والدخل المخصص للصرف، على التوالي.
ومن حسن الحظ أن الأسر بدأت من مديونية متدنية نسبياً: فحتى عند نسبة 63 في المائة، فإن معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي يشكل مقارنة إيجابية بالنسبة للولايات المتحدة عند 100 في المائة تقريباً، وبالنسبة للمملكة المتحدة عند أكثر من 100 في المائة.
ومما يشجع أكثر حتى، أن الأسر في منطقة اليورو بدأت بسرعة في التخلص من مديونيتها وفي إصلاح ميزانياتها العمومية. وفي هذه الأثناء، ساعدت سياسة التسهيل النقدي التي اتبعها البنك المركزي الأوروبي في تخفيف هذا العبء. فقد انخفض مقياسنا المركب لسعر فائدة التمويل من أعلى مستوى بلغ 6 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) 2008 إلى 4.9 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009. ومكنت المدخرات العالية بدورها الأسر من تخفيض المطلوبات المترتبة عليها من دون الاعتماد كثيراً على تسييل ما لديها من أصول، خلافاً لما حدث في الولايات المتحدة، ومن ثم مكنتها من الإفادة من تعافي أسعار الأصول في الشهور العشرة الأخيرة. ولذلك نستطيع بصورة عامة أن نكون متفائلين بحذر في أن يصل معدل المدخرات إلى أوجه مع استقرار الأحوال في سوق العمل، لأن ذلك يدعم التعافي في الاستهلاك. لكن هذا التحسن سيكون معتدلاً، كما أن ارتفاع معدلات الدين سيترك الأسر أكثر عرضة للتأثر بارتفاع أسعار الفائدة التي لا بد أن تصاحب استراتيجية الخروج التي يتبعها البنك المركزي الأوروبي.

أما مركز الشركات فيبدو أضعف من مركز الأسر. ذلك أن الانهيار الذي شهده النشاط الاقتصادي العالمي عقب انهيار بنك ليمان براذرز تسبب في انخفاض الربحية إلى الهاوية، الأمر الذي أضعف قدرة الشركات غير المالية على تمويل نفسها بنفسها: تقلصت مدخراتها الإجمالية التي كانت تنمو بمعدل 5.5 في المائة سنوياً في الفترة الممتدة من عام 2001 إلى عام 2005 بمعدل 8.5 في المائة في النصف الأول من عام 2009. وتمثل رد فعل الشركات غير المالية في التوقف تقريباً عن الاستثمار. وفي الماضي كان التباطؤ في خطى الاستثمار يسير عادة جنباً إلى جنب مع ضيق فجوة التمويل في قطاع الشركات – وهي الحد الذي تحتاج فيه الشركات غير المالية لأن تلجأ إلى مصادر التمويل الخارجية لتغطية استثمارها ونفقاتها التشغيلية. لكن هذه المرة استمرت فجوة التمويل في الاتساع ووصلت إلى ذروتها عند 5.5 من القيمة الإجمالية المضافة في الربع الثاني من عام 2009 . وفي مواجهة اجتماع عبء الدين العالمي والانخفاض الشديد في الربحية، بذلت الشركات غير المالية جهوداً مضنية لزيادة مدخراتها والتخلص من مديونيتها، حتى رغم الانخفاض الحاد في تكاليف التمويل بفضل سياسة التسهيل النقدي التي عمل بها البنك المركزي الأوروبي والتحسن الذي شهدته أسواق الأسهم.
إن ضعف المركز المالي لقطاع الشركات يعتبر مقلقاً بشكل خاص، لأنه يؤثر سلباً في الجدارة الائتمانية للشركات غير المالية بوصفها جهات مقترضة. ويأتي هذا في وقت تحتاج فيه البنوك لخفض الخطورة الكلية لأصولها ولضمان أن الخطورة تسعر بشكل كاف، وكذلك في وقت تتعرض فيه البنوك لضغط من أجل زيادة معدلات رسملتها. وإذا أضيفت إلى ذلك المستويات المتدنية جداً لتوظيف الطاقات، فإنه يجعل الآفاق المستقبلية للاستثمار غير واضحة.
وللتأكد من ذلك، نجد أن الأرقام الإجمالية تحجب اختلافات مهمة على صعيد التوزيع وأخرى عابرة للبلدان ضمن منطقة اليورو. وهذا لا ينطبق على إيطاليا بفضل الحصافة التي يتمتع بها قطاعها الأسري الذي تبلغ مديونيته 34 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، في مفارقة حادة بالنسبة لهولندا (107 في المائة) وإسبانيا (84 في المائة). وخالفت الشركات الألمانية هذا التوجه وتحللت من مديونيتها خلال السنوات التي سبقت الأزمة، وهي الآن في مركز أسلم من الشركات الإيطالية، مثلاً، التي واجهت ارتفاعاً كبيراً في مديونيتها.
غير أن الأرقام الإجمالية ما زالت تبعث برسالة واضحة ومزعجة – وهي أن الأسر والشركات لم تكن منيعة ضد ارتفاع المديونية في سنوات طفرة الائتمان، وتركها هذا في مركز مالي ضعيف. ويتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يمضي قدماً في سياسته الخاصة بالخروج، لكن ينبغي له أن يظل يراقب بقلق المستهلكين والشركات الذين تتركهم معدلات المديونية العالمية عرضة بشكل كبير للزيادة المصاحبة في تكاليف التمويل. وزيادة على ذلك يتعين على الشركات، بعد أن يترسخ التعافي الاقتصادي بصورة أكثر ثباتاً، أن تواصل عملية التحلل من المديونية، لتجنب الوصول إلى الانكماش المقبل وهي في مركز ضعيف: عند معدل 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يكون معدل الدين الخاص بشركات منطقة اليورو أعلى بضعفي ما هو عليه في الولايات المتحدة التي نما فيها بنسبة متواضعة بلغت سبع نقاط مئوية في السنوات العشر الماضية.
إن دين الشركات يعتبر كعب أخيل، أو مقتل التعافي في منطقة اليورو – الحديث عنه قليل، لكنه بدرجة خطورة الدين الأسري في الولايات المتحدة.
الكاتب كبير الاقتصاديين في بنك يوني كريدت.

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */