الحكومة التونسية تتهم الحزب السلفي المثير للجدل بـ'التحريض على تقويض نظام الدولة وإقامة الخلافة'.
العرب
تونس - أمرت رئاسة الحكومة التونسية المُكلف العام بنزاعات الدولة برفع
قضية جزائية ضد حزب التحرير السلفي المُثير للجدل، والذي يدعو إلى تطبيق
الشريعة الإسلامية، وإقامة الخلافة، ولا يعترف بدستور البلاد.
ووصف مراقبون هذا التطور المُرشح للتفاعل على أكثر من صعيد، بأنه “خطوة
تصعيدية” تندرج في سياق البدء في مراجعة التراخيص القانونية التي مُنحت
لبعض الأحزاب والجمعيات التي شوهت المشهد الحزبي والجمعياتي وتحولت إلى
منابر لتبرير الإرهاب ودعم التطرف .
واستندت الحكومة في
هذا التحرك على المادة 71 من القانون الجزائي لمُقاضاة حزب التحرير
السلفي، حيث اتهمته بالـ”التحريض على تقويض نظام الدولة وإقامة الخلافة”،
وذلك على خلفية بيان وزعه الثلاثاء الماضي، دعا فيه التونسيين إلى”مواصلة
ثورتهم، وذلك باتجاه قلع النظام العلماني القائم في البلاد، والمطالبة
بإقامة نظام الخلافة”.
وتثير مواقف حزب التحرير التونسي
منذ حصوله على ترخيص قانوني للعمل السياسي في 2012 خلال فترة حكم الترويكا،
جدلا متواصلا لم يتوقف بسبب تمسكه بضرورة إقامة دولة الخلافة في تونس،
ورفضه القاطع لدستور البلاد.
ويُجاهر هذا الحزب الذي
يُعتبر فرعا لحزب التحرير الذي تأسس في العام 1953 في القدس على يد القاضي
تقي الدين النبهاني، والمحظور في عدد من الدول العربية والغربية، بتلك
المواقف في تحد واضح لقوانين البلاد، وفي “استفزاز متواصل” للمشهد السياسي
الذي شوهته كثيرا الرايات السوداء .
وأمام تلك
الاستفزازات التي دفعت العديد من الأوساط السياسية إلى المطالبة بحله، أعلن
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أن بلاده “ستشرع في اتخاذ إجراءات
قانونية ضد الأحزاب والجمعيات المخالفة لمقتضيات الدستور، بما في ذلك إجراء
حلها”.
وفي أعقاب هذا الإعلان الذي جاء بعد هجوم سوسة
الإرهابي، أكدت الحكومة التونسية أنها اتخذت حزمة من الإجراءات الأمنية
للحد من خطر الإرهاب والتطرف.
وأشارت إلى أن تلك
الإجراءات تشمل غلق المساجد الخارجة عن سيطرة الدولة، وإمكانية مراجعة
التراخيص القانونية الممنوحة للأحزاب التي ترفع رايات مخالفة لعلم البلاد،
وذلك في إشارة لحزب التحرير الذي يرفع أنصاره رايات تشبه رايات القاعدة
وداعش.
وبعد أقل من شهر على ذلك الإعلان، وجهت رئاسة
الحكومة التونسية في 10 يوليو الماضي، تنبيها إلى حزب التحرير على خلفية ما
ورد في مؤتمره الذي كان قد عقده في يونيو تحت شعار “إقامة الخلافة وقلع
الاستعمار”.
واعتبرت الحكومة التونسية في تنبيهها أن “حزب
التحرير ارتكب مخالفات تتعلق برفض مبادئ الجمهورية وعلوية القانون من خلال
الإعلان عن عصيان الدستور وعدم الاعتراف بشرعيته والدعوة لإقامة دولة
الخلافة ورفض الاحتكام للديمقراطية”.
ولم يؤثر ذلك
التنبيه في هذا الحزب، حيث واصل التمسك بمواقفه، كما واصل الناطق الرسمي
باسمه رضا بلحاج الإمامة بأحد المساجد بدون تكليف من وزارة الشؤون الدينية،
الأمر الذي دفع السلطات التونسية إلى مقاضاته، حيث مثُل الاثنين الماضي
أمام محكمة سوسة الساحلية بتهمة “الإمامة بدون تكليف”.
وقررت
محكمة سوسة تأجيل النطق بالحكم في هذه القضية إلى 16 نوفمبر القادم، ما
يعني أن هذا الملف مُرشح للمزيد من التطورات، خاصة وأن كل المؤشرات تُفيد
بأن حزب التحرير ليس على استعداد لتغيير مواقفه حتى تكون مطابقة لأحكام
الدستور، ومُتطلبات قانون الأحزاب في البلاد.