بعد إفلاس العراق... مخطط لبيع أراضيه
من
أفرغ خزينة العراق من احتياطها النقدي ما زال يعمل بجد لإفراغ الاحتياطي
الفيدرالي ويبحث عن مصادر أخرى لتمويل فساده حتى لو باع كل العراق لأي كان
وبأي ثمن.
|
ميدل ايست أونلاين
|
بقلم: صادق حسين الركابي
|
لا يشك أحد في أن الاقتصاد
العراقي وصل إلى مرحلة حرجة ليس فقط بسبب انخفاض أسعار النفط وإنما بسبب
السياسات الفاشلة والفساد الكبير الذي ينخر في جسد الدولة العراقية بكل
مؤسساتها بالإضافة للحرب على الإرهاب.
وبالرغم من إجراءات
التقشف التي راح ضحيتها المواطن العراقي فإن إسراف المسؤولين ما يزال
مستمراً إما بصيغة إيفادات أو ترميم منازل ومكاتب وحتى إقامة حمامات سباحة
وغيرها من أوجه هدر وفساد هنا وهناك.
ويبدو واضحاُ أن عجز
موازنة 2016 البالغ قرابة 20.6 مليار دولار والذي يعادل إلى حد ما النفقات
الاستثمارية هو لتمويل أحزاب السلطة وجنود المرتزقة التابعين لها.
وهذا
ليس غريباً في بلد أنفق على الموازنات الاستثمارية منذ العام 2003 قرابة
293 مليار دولار من أصل موازنات بلغت حتى هذا العام 2015 اكثر من 850 مليار
دولار، فكانت النتيجة بلداً بدون خدمات وبنى تحتية متهالكة وأكثر من 9
آلاف مشروع متلكئ أو وهمي وثمانية ملايين فقير و7 ملايين أمي.
ويبدو
أن مفهوم الاستثمار في العراق ما يزال غير واضح أو هكذا أريد له على الرغم
من التعديل الثاني لقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 بتاريخ 27 تشرين
الثاني من هذا العام 2015 حيث نسجل عليه هذه الملاحظات:
أولاً-
الاستثمار يعني أن يتم جذب الأموال أو إنفاقها من قبل الدولة أو القطاع
الخاص لتحقيق منتجات وخدمات معينة أو استحصال إيرادات مستقبلية. إلا أن
قانون الاستثمار المعدل لم يتطرق لهذه القضية وإنما تم ترفيع رئيس الهيئة
لمرتبة وزير وتمديد ولايته وكأنه تكريم للفشل والفساد الذي جرى في السنوات
السابقة.
ثانياً- إن أكبر دليل على فشل الاستثمار في
العراق هو عجز هيئة الاستثمار عن جذب أموال من الخارج في المحافظات الآمنة
وإنما تم تخصيص أموال للاستثمار لم تكن نتيجتها إلا جزر نخيل ميتة أو مدارس
بهياكل حديدية صدئة أو مشاريع كهرباء لم ير منها النور.
ثالثاً-
في الوقت الذي يثار فيه الحديث عن وجود فرص استثمارية فإنه من الواجب أن
لا يشمل ذلك المعامل والمصانع الحكومية القائمة والتي كانت عاملة ومنتجة
قبل 2003، إذ من غير المعقول أن تتحول تلك المعامل بين ليلة وضحاها إلى
مؤسسات غير منتجة وعبء على الدولة. ولماذا لم تتمكن وزارة الصناعة التي خصص
لها مليارات الدولارات من تأهيل تلك المعامل بدلاً من إيصالها لهذا الحال؟
المفارقة
أن نفس هذه المعامل والمصانع التي يدعي البعض أنها غير منتجة تتحول فجأة
إلى فرص استثمارية رابحة بحسب الوزارات ويتم عرضها للمستثمرين. إذاً فهذا
يشير بشكل واضح إلى أن هناك من تسبب في توقف هذه المعامل وتحويلها إلى عبء
وذلك بعد أن سمحت نفس الوزارات للمنتج الاجنبي بالمنافسة والدخول إلى السوق
العراقية في حين توقف الانتاج المحلي.
رابعاً- يتطرق
تعديل قانون الاستثمار إلى اللامركزية في منح الموافقات لمحالس المحافظات
وذلك في وقت ينخر الفساد تلك المجالس التي تقول الحكومة العراقية عنها أنها
غير مؤهلة لإدارة ملفات أقل من الاستثمار كتوزيع البطاقة التموينية.
خامساً-
في المادة 5 ثامنا يتطرق قانون الاستثمار المعدل إلى تشجيع المستثمرين
العراقيين والاجانب من خلال توفير قروض ميسرة لكن السؤال هل هذا استثمار؟
ولماذا يتم منح قروض لمستثمر لا يمتلك مبالغ يضخها في الاقتصاد العراقي،
بدلاً من مستثمرين مفلسين لا يمتلكون حتى إنجاز المراحل الأولى من مشاريعهم
ثم يفرون بأموال العراق للخارج.
سادساً- تطرقت المادة 1
تاسعاً من قانون الاستثمار المعدل إلى تعريف المستثمر الأجنبي على أنه
الشخص الحاصل على اجازة الاستثمار والذي لايحمل الجنسية العراقية اذا كان
شخصاً طبيعياً او شخصاً معنوياً مسجلاً في بلد اجنبي. وكذلك في الفقرة
عاشراً عرف المستثمر العراقي بأنه الشخص الحاصل على اجازة الاستثمار والذي
يحمل الجنسية العراقيـة اذا كان شخصاً طبيعياً او شخصاً معنوياً مسجلاً في
العراق.
إلا ان كلا الفقرتين أغفلتا أن تعرفا المستثمر
من حيث أنه سيقدم أموالاً وخبرة لإنجاز مشاريع معينة وتحقيق أرباح أي أنه
عرف بمفهوم روتيني تمثله إجازة الاستثمار ولم يعرف بالمفهوم العملي. إذا
فموجب هذه الفقرة يحصل المستثمر على الضمانة بالحصول على الأموال العراقية
بمجرد أن يحصل على إجازة الاستثمار في حين أنه كان يجب أن تكون هناك خطابات
ضمان من المصارف المحلية أو الأجنبية لضمان جدية هذا المستثمر.
سابعاً-
لم يتضمن قانون الاستثمار المعدل فقرة "من أين لك هذا" أو التعرف على
المستثمر ومصادر أمواله واكتفى بإجازة الاستثمار كوثيقة حسن نية وبالتالي
يمكن للسياسيين الفاسدين على سبيل المثال والذين هربوا أموال العراق للخارج
إنشاء شركات خارج العراق من أموال العراق المهربة ثم إعادتها بصيغة
قانونية إلى العراق تماماً كما هو غسيل الأموال.
وعن هذا
يقول أحد المشاركين في تعديل قانون الاستثمار في إحدى الندوات التلفزيونية
الخاصة بذلك "أن من يهرب بأموال العراق ويودعها في الخارج يحصل على فوائد
قليلة فلماذا لا يأتون بها إلى العراق لاستثمارها فيه". وكأن هذه الاموال
هي من حقوق هؤلاء الفاسدين أصلاً وليست من حقوق الدولة العراقية. بهذا
المنطق يتكلم بعض السياسيين ما يدل على أن الموازنة الاستثمارية في العراق
هي لتمويل الفساد في الكتل والأحزاب السياسية وليست لغرض الاستثمار.
ثامناً-
يمنح التعديل الثاني لقانون الاستثمار المستثمر الأجنبي حق تملك الأرض
بنسبة 100% للأجنبي من دون دفع البدل إذا كانت لغرض مشاريع سكنية وذلك دون
ضمانات بأن من سيتملك الأراضي العراقية لا ينتمي لدول معادية للعراق أو
تخطط للسيطرة على أجزاء مهمة في البلد.
وعن هذا يقول أحد
المشاركين في صياغة التعديل الثاني للقانون في نفس الندوة التلفزيونية
الخاصة بذلك "أن العديد من السفارات تتصل به وتسأله عن تعديل قانون
الاستثمار". وهذا يعني أن تلك الدول تخطط لشراء مساحات واسعة من الأراضي
العراقية. وكان حرياً أن يتضمن القانون تأجير الأرض أو منح المستثمر حق
ملكية البناء مع الحفاظ على الأرض لصالح العراق في الحسابات القومية.
تاسعاً-
أغفل التعديل الثاني لقانون الاستثمار أن يمنح أولويات الفرص الاستثمارية
للمستثمر العراقي قبل الأجنبي خاصة في قطاعات حساسة كالاتصالات وهي قطاعات
أساسية لها مساس بالأمن والاقتصاد، إذ من غير المعقول أن تسيطر شركات
أجنبية على هذا القطاع وبالتالي فإن بيانات مهمة تصبح في أيدي دول أخرى.
وأخيراً
فقد أصبح جلياً، أن من أفرغ خزينة العراق من احتياطها النقدي، ما زال يعمل
بجد لإفراغ الاحتياطي الفيدرالي ويبحث عن مصادر أخرى لتمويل فساده حتى لو
باع كل العراق لأي كان وبأي ثمن.
|
مواضيع ومقالات مشابهة
- مستشار الأمين العام للأمم المتحدة أم مرجع مذهبي؟
- جرائم حكومية || تورط المالكي بتصفية واستهداف الطائفة المسيحية في العراق
- استعراض شامل لأهم وأبرز التطورات الأمنية والسياسية التي شهدها العراق حتى مساء الثلاثاء
- أخبار العراق | عاجل | الأنبار
- المليشيات الشيعية تقصف مناطق الشرقاط بمحافظة صلاح الدين بصواريخ ضخمة صنع إيراني تدخل المعركة لأول مرة.
- مقتل شقيق القيادي في جيش المهدي“ابو درع″ بهجوم مسلح شرقي بغداد